الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، يوفق الطائعين إلى محبته، ويدخل المحسنين جنته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( إن الله يحب المتقين).
أيها المسلمون: دعانا ربنا عز وجل إلى الصدق في محبته فقال تعالى:( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على حب الله تعالى من قلوبهم، والتقرب إليه سبحانه بصالح أعمالهم، وقد كان كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أعمال تبلغهم حب خالقهم جل في علاه، فما هي الأعمال التي يحبها الله تعالى ويرغب عباده في فعلها؟ إن الأمور التي يحبها الله تعالى كثيرة ومتنوعة، ومن أهمها أن يؤدي العباد فرائضهم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله؟ قال:« الصلاة على وقتها».
فالصلاة الصلاة يا عباد الله (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين). وتقربوا إلى بارئكم سبحانه بكل ما يحبه من العبادات، وازدادوا تقربا إلى خالقكم عز وجل بالنوافل على اختلاف أنواعها من صلوات وصدقات، وغير ذلك من سائر القربات، ابتغاء محبته سبحانه، والفوز بتوفيقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى:« وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه». فمن داوم على تلكم الطاعات، وسارع إلى الخيرات؛ أحبه الله وقربه، وأدام عليه فضله، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال:« أدومها وإن قل». فهذا هو الاعتدال الذي يحبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يقوم على الحفاظ على الفرائض، والاجتهاد في النوافل، والمواظبة على الخير، والأخذ بالتيسير، وبذلك يحسن الإنسان إلى نفسه بحسن تعبده لربه سبحانه، وينال محبته ورضوانه.
أيها المسلمون: ما الذي يحبه الله عز وجل في المعاملات؟ قال عز وجل:( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين). ويتحقق الإحسان الذي يحبه الله بخشيته تعالى في كل قول وعمل، فإن تكلم المرء قال للناس حسنا، وإن عمل كان متقنا، وإن تعامل مع الناس كان محسنا، فيعطي من حرمه، ويعفو عمن ظلمه، ويحسن إلى من أساء إليه، ويصبر عليه ابتغاء مرضاة الله تعالى طلبا لمحبته، قال سبحانه:( والله يحب الصابرين). ويتوكل على الله خالقه:( إن الله يحب المتوكلين). الذين بذلوا جهدهم، وأخذوا من الأسباب بكل ما يمكنهم، وفوضوا إلى الله تعالى أمرهم، وعلموا أن تدبيره لهم خير من تدبيرهم، فارتاحت نفوسهم، واطمأنت قلوبهم، فأثمر ذلك التعامل مع الناس بما يحبه الله تعالى من اللين والسماحة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء».
وإن هذه السماحة تقتضي أن يتحرى الإنسان العدل في تعاملاته؛ فلا يأخذ فوق حقه، وتلك من الصفات الحميدة، والمبادئ الجميلة التي يحبها الله تعالى:( إن الله يحب المقسطين). والقسط هو العدل.
عباد الله: ما هي القيم والأخلاق التي يحبها الله عز وجل؟ إن الجمال قيمة يحبها الله سبحانه، قال رجل: يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال صلى الله عليه وسلم :« إن الله جميل يحب الجمال». والجمال يشمل القول والفعل، والمخبر والمظهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده». أي: في جمال هيئته، وحسن ملبسه، وتناسق هندامه، ويحب الله تعالى أن يرى أثر نعمته في قلب الإنسان، وذلك بشكره، والاعتراف بفضله سبحانه ( وما بكم من نعمة فمن الله). سواء أكانت النعمة كبيرة أم صغيرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها». ومعنى ليرضى أي: يحب منه.
فمن حمد الله تعالى على نعمه، وعلم أن الفضل كله لله، وأن الرزق بيده سبحانه؛ صفا قلبه، وزكت نفسه، وصدقت محبته، فتعاون مع الآخرين على كل خير، وعمل كل بر، فكانوا جميعا من المتحابين الذين أحبهم الله تعالى، ورفع قدرهم في الدنيا، وأعلى منزلتهم في الآخرة، قال الله سبحانه في الحديث القدسي :«المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء». فاللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقرب إلى حبك، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بعث فينا رسولا من أنفسنا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.
أيها المصلون: إن الإنسان إذا أحسن في عباداته ومعاملاته، وأخلاقه وسلوكياته؛ عزز المحبة في مجتمعه، وقوى أواصر الترابط والتلاحم؛ فيفوز بحب الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض».
فهل نحرص على ما يحبه الله تعالى في عباداتنا ومعاملاتنا وأخلاقنا؟ وهل نربي بناتنا وأبناءنا على ذلك؟
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا». اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم ارزقنا حبك، وحب من ينفعنا حبه عندك، اللهم ارزقنا ما نحب، واجعله قوة لنا فيما تحب.
اللهم اجعل العفو شيمتنا، والتسامح خلقنا، والتراحم سلوكنا، والعطاء دأبنا. اللهم زدنا سعادة وطمأنينة وهناء؛ وأدم السعادة على وطننا وبيوتنا وعلى أهلينا وأرحامنا. اللهم ارحم شهداء الوطن الأوفياء، وارفع درجاتهم في عليين مع الأنبياء، واجز أمهاتهم وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا جزاء الصابرين يا سميع الدعاء.
اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين. اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم اجعل الصبر سبيلنا للإبداع وطلب العلم والمعالي وخدمة الوطن، ورفع رايته في الأعالي.
اللهم زد الإمارات بهجة وجمالا، واكتب لمن غرس فيها هذه الخيرات الأجر والحسنات يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد لكل خير، واحفظه بحفظك وعنايتك، وأنعم عليه بالصحة، وألبسه ثوب العافية، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم ارحمهم رحمة واسعة من عندك، وأفض عليهم من خيرك ورضوانك. وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا. اللهم احفظ لدولة الإمارات استقرارها ورخاءها، وبارك في خيراتها، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين. اللهم ارزقنا الحكمة في أقوالنا وأفعالنا، واجعلنا من الموفين بالوعود، الحافظين للعهود يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.
وأقم الصلاة.
----------
تنبيه يلقى عقب صلاة الجمعة 27/10/2017
أيها المصلون: تقوم وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء بتنفيذ المسح الصحي الوطني خلال الفترة من 25/10/2017م حتى 31/5/2018م، لتقييم مدى توفر الخدمات الصحية، ومدى جودتها، حيث ستقوم فرق بحثية وطبية تحمل بطاقات تعريفية بزيارة عينات مختارة من الأسر، وترجو من الجميع أن يتعاونوا مع فرق المسح الميداني لضمان الحصول على بيانات دقيقة. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

